. أصدر كتابه الأول " الصيام " ، ولقي اهتماما
كبيرا من قبل الكتاب ، واحتل مكانة مرموقة في علم الأدب والشعر ،
وفيه تناول قضية الإنسان والدين والعلاقة مابين المستبدين
والمستعبدين ، وبعد ذلك أصدر كتبا أخرى من مثل : ( البخيل ) ، و (
أغنية السعداء ) ، ( الشعر الشعراء ) ، ( صباح آمن ) ، كما كتب
للأطفال ( اضرب بعصاي ) ، و( البطل الصغير ) ، وحكايا ت شعرية
للأطفال . ترجم العديد من الكتب الروسية الكلاسيكية لأشهر الكتاب
الروس من مثل " قصة رجل حقيقي " للكاتب الروسي ب . نـَليفويم
Б.Нолевоим ) ( وكتاب دكتور أيبوليت ( Доктор Айболит ) للكاتب
الروسي " ك . جوكوفسكي " ( К. Чуковский ) ، وكتاب المرج الذهبي
للكاتب الروسي ي . س تورغينف ( И. С . Тургенев ) ، وغيرها . إن
الأعمال الإبداعية المختارة للشاعر دخلت الكتب والبرامج التعليمية
وفي مختلف المراحل الدراسية وابتداء من مرحلة رياض الاطفال ، وحتى
المرحلة الثانوية ، وهي هادفة ، وتربوية ، وغنية بالفوائد والعبر ،
وحافلة بالقيم والمثل الإنسانية . عاش الأديب أربعون عاما من حياه
القصيرة في جنان الأدب والشعر ، وخلف لنا العديد من المؤلفات والكتب
الأدبية ، والتي عبر فيها عن حبه الكبير للوطن ، والأرض ، والناس ،
والأحبة ، والأصدقاء ، وعندما اشتعلت الحرب العلمية الثانية مضى
الكاتب إلى جبهات القتال ليذود عن حياض الوطن ، وفي ظهرت شجاعته ،
وأبدى بطولة استحق فيها على أوسمة وجوائز من الدولة السوفيتية ، ولما
عاد من الحرب رجع ومن جديد إلى دنيا الأدب والشعر ، وتناول من جديد
قلمه ليواصل الكتابة والعطاء إلا َّ أن الموت عاجله ، ففارق الحياة
في حادثة سير مروعة سنة ( 1970 ) . في الخامس من شهر أيار لهذا العام
سنة ( 2012 ) م أقيم حفل إحياء ذكراه في العيد الميلادي المئوي له
,خصصت حصص دراسية في رياض الأطفال ، وفي كافة مدارس الجمهورية ،
وأقميت له ندوات أدبية في مكتبات الجمهورية ، تكلموا فيها عن نتاجه
الشعري ، وحياته ، وأعماله ، وفي الندوة الأدبية التي أقيمت له في
المكتبة القومية ، والتي أطلق عليها اسم " ولد شاعرا وعاش شاعرا "
اجتمع حشد غفير من الناس ، كان بينهم الكتاب والشعراء ، والمتخصصين
في دراسة أعماله ، وإصداراته وعشاق أدبه ، وشعره من القراء ورجال
الفكر والثقافة ، وأقرباؤه ، وأحباءه ، وأهالي قريته بشْحالـْقواي
Пчыхьалъыкъуае ) ) ، وابنه يورا ، وزوجة ابنه الكبير الراحل السيدة
قوتاس ، وأحفاده ، وأساتذة وطلاب الجامعة ، وتلاميذ المدارس ،والملون
في المكتبة ، والسادة الصحفيون . ألق كلمة الافتتاح الباحث الشركسي
السيد روسلان مامي ِّ ، فذكر أنه عندما جاء إلى مدينة مايكوب ليعيش
فيها ، قدر الله له أن يسكن في البناية التي كان يعيش فيها الشاعر
,الأديب الراحل مرات برنقو ، فتعرف على مزايا شخصيته ، وأخلاقه ،
وطبيعته ، ثم تحدث عن غنى نتاجه الأدبي ، والشعري ( قصائده ،
وأغنياته ، وحكاياته الشعرية التي كتبها للأطفال ) ، وخصائص أسلوبه ،
وقال أيضا : أن الطلبة ، وإن لم يعرفوا الكاتب عن قرب ، ولم يروه إلا
أنهم قرؤوا بعض قصائده ، وتعلموها وعن ظهر قلب في مدارس الجمهورية ،
وفي رياض الأطفال . لقد أصبحت قصيدته " أغنية الراعي " ، والتي كتبها
بأسلوب رفيع ومتميز ، فكانت أشبه بلوحة فنية معبرة تحكي لك عن عالم
الإنسان ، وبيئته ، أما معاني شعره ، فتتسم بالبعد ، والعمق ، وهي
تشع بالمعاني الإنسانية ، وكلما قرأتها وجدت فيها أشياء جديدة ،
وجميلة ، ووجه السيد " أنظار الناس إلى كثرة الأعمال والمؤلفات التي
تركها ، فأغنى بها أدبنا الشركسي ، " روسلان مامي ِّ " ومكتباتنا ،
ولو قدر الله له الحياة لكان قد بلغ اليوم المائة سنة ، ولكان بما
أودع الله فيه من ملكات ، وطاقات أن يقدم الكثير من الأعمال الجليلة
والخالدة . تحدث بعد ذلك الكاتب ، والشاعر الشركسي المشهور السيد "
بشماف كوشباي " حامل لقب كاتب الشعب الشركسي ، فقال : إنه كان يرى
الأديب " مرات بَرَنِقو " عندما كان يأتي إلى قريته " أدَمِي َ " لأن
زوجة الأديب الراحل من نساء هذه القرية ، وهي ابنة " اسماعيل
حَتـْسُكو " ( ХьэцIыкIу ) ، واسمها " كاتيا " ، وكان الناس يجلون
رجال العلم ، والمتعلمين في ذلك الوقت لقلتهم ، ألا أنني عندما بدأت
أعمل في الصحافة تعرفت عليه ، وبصورة أعمق ، وأكبر على شخصيته كإنسان
، وكاتب ، وشاعر ، وأردف قائلا : لو أنه يكتب سوى قصيدتيه " أمنا " و
قصيدة " أغنية الراعي " لكفته لأن يحمل اسم الكاتب ، وقال أيضا
متحدثا عمن أخلاقه : لقد كان مرات برنقو إنسانا متواضعا ، ومهذبا ،
ونظيفا ، وبكل ما تعنيه هذه الكلمة ، وما تحمله من معاني ، وضرب على
ذلك أمثلة حية من حياة الأديب ، وسيرته . ولما تكلم الكاتب " حظرت
بنشو " تحدث عن ذكرياته ، فقال : أن عمه ، ومرات برنقو ، وتيمبوت
جراشة ، وكستانَ يعملون معا في المكتب الحزبي ، وكانوا رفاقا ،
وأصدقاء ، وكنت أنا أدرس حينذاك في دار المعلمين ، وأقيم في بيت عمي
، وكان الأصحاب الأعلام ، والذين ذكرت أسماءهم يذهبون معا لصيد
الأسماك ، وكانوا يحبون بعضهم ، فيمزحون ، ويتسامرون ، يتبادلون
الطرائف والملح ، وعرفوا بصدقهم ، وإخلاصهم لبعضهم ، إن ذكراهم
وطيبتهم مازالت حية في قلبي رغم صغر سني ، كما حدثنا عن تأثره بكتبه
ومؤلفاته . وتحدثت في هذا اللقاء ابنة أخت الأديب مرات برنقو السيدة
شمست برنقو ، والتي تعيش مع أسرتها بقرية أسقلاي ، وهي مُدَرِّسَة ُ
مَدْرَسة القرية للغة الشركسية ، والأدب الروسي ، وقد أ ُحليت
للتقاعد ، ومنذ بداية حديثها ظهر وبوضوح عمق فهمها لأدب مرات ، وشعره
، ووصفته قائلة : " لقد كان إنسانا نبيها ، وَذ َكِيا ، وصاحب ثقافة
واسعة ، واستطاع أن يكسب حب الناس وتقديرهم ، سخر ريشة قلمه لخدمة
ملكاته ، وطاقاته الإبداعية ، ثم قرأت أغنيته الشعرية ، والتي لحنها
الفنان الكبير الملحن المشهور " عمر تحابسم " أغنية الراعي " وقصيدته
" أ ُمـُّنا " عن ظهر قلب ، وبصورة معبرة ، ودون أن تنسى كلمة واحدة
منها ، وضربت أمثلة على سعة ثقافته وعمق فهمه ، وفطنته ، ومعرفته
الكبيرة للغة الشركسية ، وقدرته على استخدام ألفاظها ، وكلماتها ،
وحسن توظيفه لها للمعاني التي يريد أن يعبر عنها ، وكان يتعامل مع
كلمات شركسية اتسمت بايحائها ، وقدراتها في التعبير عن المعاني
الدقيقة ، والتي امتازت بجمالها أيضا ، وحين وصفته بالرأفة ، والكرم
، والأخلاق الحسنة ضربت بعض الأمثلة على ذلك ، فقد حزن حزنا شديدا
على أخيه الذي لم يعد من الحرب ، وكان صاحب أسرة ، وعيال . وقد عرض
ممثلو مسرح العرائس تمثيلية ( اضرب بعصاي ) على جمهور الحضور . وقدم
السيد روسلان برنقو الشكر إلى منظمي هذا اللقاء الأدبي في إحياء
الذكرى المئوية لميلاد الأديب ، والشاعر مرات برنقو ، وإلى جميع
الحضور ، والمشاركين باسم عائلة برنقو ، وتمنى لهم أن يحيوا حياة
مديدة لم يقدر للكاتب أن يحياها ، ويعيشها . فالإنسان يولد في هذه
الحياة الجميلة ليسدي الخير والمعروف للناس ، وليترك بصماته الجميلة
فيها ، ولتذكر فضائله ، وليترك أثرا حسنا ، ولو أننا أردنا أن نتحدث
عن مرات برنقو ، وبايجاز فلا يمكننا إلا َّ وأن نقول : " ولد شاعرا ،
وعاش حياته شاعرا " . نتمنى أن تحيا كتبه ، ومؤلفاته ، وأشعاره والتي
تركها لنا حياة لم تقدر له .
الكاتبـــة الصحفية : نوريـــة مامْرُوقـه .
الترجمة إلى العربية : محمد ماهر إسلام . |