MENU





 

.

.

الباب مفتوح....وكأنه مغلق

.

.

الوعي والقضايا القومية:
يعيش الشعب الشركسي مشتتا ، ومبعثرا في أكثر من خمسة وخمسين بلدا إلا َّ أنه رغم الظروف غير المناسبة ، والأجواء غيرالملائمة ، والتي لاتتوافق مع لملمة أشلائه المقطعة ، وجمع أعضاء جسمه الممزقة لكنه وباستفادته من كافة العوامل ، ووسائل الاتصالات العصرية استطاع أن يحافظ على قيمه ، ومثله الانسانية ، وعاداته

.

الاجتماعية ، والكثيرون منهم اليوم يتطلعون إلى أرض الآباء والأجداد بشوق وشغف ، ويرغبون بالعودة ، والحياة وبصورة طبيعية تحت ظلال الوطن . وقد أعرب الباحث الشركسي عضو اللجنة التنفيذية للجمعية الشركسية لجمهورية الأديغي الدكتور نجدت مشفشتء عن رأيه ، ووجهة نظره حول اعادة شراكسة سوريا ، وإخراجهم من أتـُّون الحرب المدمرة ، والمجنونة التي أخذت نيرانها تمتد إليهم ، وتحرق ثيابهم ، وأملاكهم ، وتدمر بيوتهم ، وتكوي قلوبهم ، وأجسادهم . إن يوم العودة ـ والذي أخذت جمهورية الأديغي تحتفل به منذ سنوات عديدة ـ هو عيد لشراكسة الوطن الذين تمسكوا بأرضهم ، وحافظوا عليها ، وبالنسبة لشراكسة المهجر أيضا الذي خصص لهم ، ويعنيهم بالدرجة الأولى . وفيما يتعلق بقضايا وشؤون العودة مازلنا نعاني من عقبات ، ومشكلات عديدة تقف أمامنا حواجز يتوجب علينا هدمها وازاحتها ، فنحن اليوم وبكل أسف لانستطيع أن نمد أيدينا الى أهلنا ، وأخواتنا ، وإخوتنا ، وأصدقائنا ، وأقربائنا في سوريا كما يتوجب علينا ، وكما نرغب ونريد ، وهذا يعصر قلوبنا ألما ويزيدنا حزنا . كيف للعين أن تتلألأ فرحا ، والأخرى تطفح دمعا ، ودما ؟ ! . تسرنا عودتهم ، ويحزننا حالهم ، ويحرجنا ضعفنا . من منا من لم يعتقد يوما أنه قد تحقق له فوز له ، ونجاح كبير، ثم تحول بعد ذلك الى فشل وخيبة ، ومن منا من لم يقع في شدة وضائقة ، ولم يخرج منها بأمان وسلام ، فما بعد الضيق يأتي الفرج القريب ، وحال الأقوام والشعوب كحال الأفراد ، فبالأمس وقعت جمهورية أوسيتيا الجنوبية في كارثة إنسانية ، حيث تعرضوا لهجوم عسكري من قبل جمهورية جورجيا وأحرقت ، ودمرت منشآتهم ، ومبانيهم ، وقتلت الكثير من مواطنيهم إلا أن هذه الشدة انتهت بنصر وفرحة ، فطردت جيورجيا من أراضيهم ، واعترفت روسيا الاتحادية باستقلال كل من جمهورية أوسيتيا الجنوبية ، وجمهورية أبخازيا .

وما أشبه اليوم بالأمس ، ففي سنة ثمان وتسعين وتسع مئة وألف عاد شراكسة يوغوسلافيا الى أرض الوطن من وسط لهيب حرب اشتعلت فيها ، وهاهم اليوم يحيون بأمان وسعادة في ربوع وطنهم الأم .

إن مَن مدَّ إليهم يده ، وأخرجهم من هناك ، هو من شتتهم بالأمس ، لقد عادوا بحماية روسيا ، وتحت ظلال علمها إلى أرض وطنهم الأم . ولكن أنى لهم أن يعودوا لو أنهم لم يطلبوا ذلك ، ويسعوا من أجل عودتهم ، فلولا ذلك الجهد ، ولم يقدم إليهم ذلك العون لما كان هناك يوم للعودة والعائدين .تؤكد ذلك الأسطر الشعرية التي كتبتها الشاعرة الشركسية "سينه تمه" ، والتي تقول : اقتلعوهم من جذورهم ومن تلالهم ... وروابيهم
بعد أن ... بددوا استقرارهم وقتلوا اطمئنانهم نقلوا عائلاتهم ... ضيوفا الى تركيا ومن هناك .... ساقوهم أسرابا وقطعان إلى أرض الشام أحرقت الشمس .... جلودهم وجباههم إن قصدت الشام فهل ستلقى .... فيها الترحيب والتهليل ؟ّ ! . والتكريم والتقدير ؟ إن ارضك .... وتراب وطنك هو شامك المقدسة فعد إليها ... وعشْ في تجاويف أضلعها وفي رحمها عد إليها...ولتكن قبلتك وكعبتك وان استطعت ذلك فقد فعلت الكثير .
نحن ندرك أّنّ اعادة شراكسة المهجر إلى ديارالوطن ليست قضية سهلة ، فالحبل الذي انقطع منذ نحو مئة وخمسين سنة لايمكن اعادة وصله ببساطة ، ودون عناء ، ونعرف أن اعادة بناء الجسور ، وتدعيمها ليست يسيرة ، وعلى شراكسة المهجر أن يفهموا أن الوطن سوف يفتح لهم صدره ويستقبلهم . كما أن تبدلات الزمن وتغيراته وضعتنا جميعا على محك اختبار جدي ، وامتحان حقيقي .

مد يدك الخيرة لكل عائد :
إن موقف روسيا الاتحادية من الراغبين في العودة من أخواتنا ، وأشقائنا الشراكسة ، وكيفية استقبالها ، ودعمها لهم ، وتطبيقها للقرارات التي اتخذتها يظهر قوتها ، ويبرز مصداقيتها ، كما يتوجب علينا أن نفهم أن اعادة أهلنا ، وأشقائنا ترتبط ، وبقوة بارادة شعبنا ، ومواقف زعمائنا ، وقادتنا ، ومسؤولينا .
لقد قالت لنا الشاعرة الشركسية سينه تمه مايتوجب علينا أن نفعله ، حيث كتبت لنا ذلك شعرا :
إن ْ ارتضينا
الذلة .. والمسكنة
وقبلنا هوان الفقر
ومددنا أيديَنا
للناس .. والمارة
وانتظرنا عطائهم
فقدنا .. كل شيء
وأضعنا ..عزتنا ... وكرامتنا
وخسرنا ضمائرنا
والأدغاغ
وعلينا حين ذاك
أن نتوقع
ماهو أدهى
وأجلّ .
يحدثنا التاريخ ويروي لنا : أنه عندما لم تكن لدينا حكومة تدير شؤوننا ، وترعى مصالحنا وألمت بنا مصيبة ، أو حلت بنا نازلة كيف كان شعبنا يقف ضدها صفا واحدا ، وكيف كانت الأسرة الغنية تساعد الفقير ، وتهتم بشؤونها لذلك يتوجب على كل أسرة أن تساعد أختها بالقليل والكثير ، ولندعم اصندوق اعانات العائدين ، ولنراقب عمليات ، وجهات الصرف والانفاق ، وان كنا نسير ، وعلى كل هذا النحو ، فسنكون خيرحافذ لمن يريد أن يقف معنا من الشعوب والقوميات الأخرى الصديقة ، كما يمكن أن تلتفت روسيا الاتحادية إلينا ، وتحس بآلامنا وأوجاعنا ، وتسمع نداءنا ، فتتطور أمورنا ، وتأخد قضايانا منحاها الطبيعي .

ــ الباحث العائد : نجـــدت مشفشء عضواللجنة التنفيذيـــة في الجمعية الشركسية لجمهورية الأديغي
ــ الترجمة إلى العربية : محمد ماهر إسلام .
Ислам. М.М

.

.